التعريف بشهداء المنطقة

الشهيد باجي مختار
من مواليد 17 أفريل عام 1919 بمدينة عنابة، تربى في أحضان العائلة على الاستقامة و الصلاح و الأخلاق الحسنة ، فنشأ متدينا و فطنا ذو طباع هادئة و عن طفولته تقول أخته " برنية " التي كانت تكبره بـ 7 سنوات : بأنه كان شديد التمسك بالأخلاق ذكيا و كان يميل إلى الهدوء، و لما بلغ سن الخامسة خصص له أبوه معلما دينيا علمه بعض مبادئ اللغة العربية و حفظ بعض السور من القرآن الكريم، بعدها استقرت عائلته بسوق أهراس في مزرعة صغيرة تحولت بعد ذلك أول مركز لقيادة فوج مسلح للثورة.
في سنة 1934 تحصل باجي مختار على الشهادة الإبتدائية الخاصة بالجزائريين ثم تحصل في السنة الموالية على نفس الشهادة الخاصة بالفرنسيين و التي سمحت له بالإلتحاق في سنة 1936 بالمدرسة الثانوية، و لكنه سرعان ما ترك مقاعد الدراسة بسبب التفرقة و العنصرية، و لكرهه الخدمة العسكرية الفرنسية، فرض الشهيد على نفسه حمية قاسية بإلتزام الصيام، و عندما تقدم للخدمة كان في حالة صحية متدهورة فأعفي بصفة نهائية من الخدمة، لم يتأثر باجي مختار بما قدمه في سبيل ذلك بل إعتبره هينا في سبيل عدم الإلتحاق بالجيش الفرنسي .
في أوائل الأربعينات دخل الشهيد الكشافة الإسلامية ، حيث أسندت إليه مهمة الإشراف على فرع كشفي بالمدينة، كان هذا الفرع يضم فوجا واحدا يدعى " فوج الفلاح "، كانت مهمة الكشافة الإسلامية تتمثل في تربية الشباب تربية وطنية وإعدادهم كرجال الغد يعتمد عليهم في الدفاع عن وطنهم ،
أما المرحلة الثانية من التكوين التي اتبعها باجي مختار مع الشباب فكان يأخذ مجموعة منهم إلى الجبال و معهم عدد من الشواقير بالإضافة إلى الخناجر و الحبال و بعض الأدوات الأخرى و يدربهم على القتال و التلاحم مع العدو و بالتدريج أخذ هذا التدريب يتوسع ليشمل جميع الشباب ، إنضم باجي مختار إلى الحركة الوطنية في عمر مبكر و يرجع البعض تاريخ انضمامه إلى سنة 1940 بحيث كان من أنشط عناصر حزب الشعب الجزائري بمنطقة سوق أهراس.
كان لأحداث 08 ماي 1945 أثرها على نفسه حيث عززت رفضه للإستعمار و دفعته إلى الإلتزام بخدمة قضية مقدسة ، بعد سنتين ترشح للإنتخابات البلدية ضمن قائمة الحركة من أجل إنتصار الحريات الديمقراطية و تم انتخابه ، و قد رفض رجل المبادئ الوقوف دقيقة صمت على روح الجنرال لوكلير التي دعت إليها السلطات الفرنسية .
عين مسؤولا على فرع سوق أهراس الشرق الجزائري للمنظمة السرية فقد ساهم باجي مختار في تكوين هذه المنظمة ، كما كلف على مستوى سوق أهراس بتأسيسي الأفواج الأولى شبه العسكرية للمنظمة حيث إستمر نشاطه إلى غاية 1950 .
و في هذه السنة ألقي عليه القبض و عذب عذابا شديدا أحيل بعدها إلى محكمة عنابة و حكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات،بعد الإفراج عنه إستمر في نشاطه النضالي في صفوف الحركة الوطنية ، و لم يؤثر إنقسام حركة إنتصار الحريات الديمقراطية على إرادته الفولاذية و روحه الثورية.
كان باجي مختار من تلك العناصر الثورية الحقيقية التي خطت أول سطر من مجد الجزائر الجديدة ووضعت أساس الثورة حيث اتبع الطريق الوحيد الذي يفهمه الإستعمار و يخشاه ألا و هو الكفاح المسلح و هكذا كان الشهيد من أوائل أعضاء اللجنة الثورية للوحدة و العمل و كان من بين 22 الحاضرين في إجتماع شهر جويلية 1954 بالجزائر، و قد اتفق الجميع على الإسراع في إعلان الثورة المسلحة ضد العدو الفرنسي.
في يوم 18 نوفمبر 1954 إستشهد باجي مختار إثر الهجوم الذي شن علــى مزرعة دالي بن شواف إستمرت المعركة على أشدها بين الطرفين منذ أن إندلعت حوالي الساعة السادسة صباحا إلى غاية سقوط الظلام و إنتهاء الذخيرة عند المجاهدين و إصابتهم بالعديد من الجروح ، إلـى أن بلغت الساعة الرابعة مساء حيث أصابته عدة رصاصات من رشاش العدو و إستشهد و هو يردد " رانا جيناك ضياف يا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ياك متنا في الجهاد ".